فصل: تفسير الآيات (1- 7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (6- 11):

{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}
{إذا أُلقُوا فيها} يعني الكفار ألقوا في جهنم.
{سمعوا لها شهيقاً} فيه قولان:
أحدهما: أن الشهيق من الكفار عند إلقائهم في النار.
الثاني: أن الشهيق لجهنم عند إلقاء الكفار فيها، قال ابن عباس: تشهق إليهم شهقة البغلة للشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف.
وفي الشهيق ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الشهيق في الصدور، قاله الربيع بن أنس.
الثاني: أنه الصياح، قاله ابن جريج.
الثالث: أن الشهيق هو آخر نهيق الحمار، والزفير مثل أول نهيق الحمار، وقيل إن الزفير من الحلق، والشهيق من الصدر.
{وهي تفورُ} أي تغلي، ومنه قول الشاعر:
تركتم قِدْرَكم لا شيئ فيها ** وقِدْرُ القوم حاميةٌ تفورُ

{تكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ} فيه وجهان:
أحدهما: تنقطع، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: تتفرق، قاله ابن عباس والضحاك.
وقوله {من الغيط} فيه ها هنا وجهان:
أحدهما: أنه الغليان، قال الشاعر:
فيا قلب مهلاً وهو غضبان قد غلا ** من الغيظ وسط القوم ألا يثبكا

الثاني: أنه الغضب، يعني غضباً على أهل المعاصي وانتقاماً للَّه منهم.
{ألمْ يأتِكم نَذيرٌ} فيه وجهان:
أحدهما: أن النذر من الجن، والرسل من الإنس، قاله مجاهد.
الثاني: أنهم الرسل والأنبياء، واحدهم نذير، قاله السدي.
{فسُحْقاً لأصحاب السّعيرٍ} فيه وجهان:
أحدهما: فبعداً لأصحاب السعير يعني جهنم، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه وادٍ من جهنم يسمى سحقاً، قاله ابن جبير وأبو صالح، وفي هذا الدعاء إثبات لاستحقاق الوعيد.

.تفسير الآيات (12- 15):

{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)}
{إنّ الذين يَخْشَوْنَ ربَهم بالغَيْبِ} فيه ستة أوجه:
أحدها: أن الغيب اللَّه تعالى وملائكته، قاله أبو العالية.
الثاني: الجنة والنار، قاله السدي.
الثالث: أنه القرآن، قاله زر بن حبيش.
الرابع: أنه الإسلام لأنه يغيب، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
الخامس: أنه القلب، قاله ابن بحر.
السادس: أنه الخلوة إذا خلا بنفسه فذكر ذنبه استغفر ربه، قاله يحيى بن سلام.
{لهم مغْفرةٌ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بالتوبة والاستغفار.
الثاني: بخشية ربهم بالغيب.
الثالث: لأنهم حلّوا باجتناب الذنوب محل المغفور له.
{وأجرٌ كبيرٌ} يعني الجنة.
ويحتمل وجهاً آخر: أنه العفو عن العقاب ومضاعفة الثواب.
{هو الذي جَعَلَ لكم الأرْضَ ذَلولاً} يعني مذللة سهلة.
حكى قتادة عن أبي الجلد: أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، فللسودان اثنا عشر ألفاً، وللروم ثمانية آلاف، وللفرس ثلاثة آلاف وللعرب ألف. {فامْشُوا في مَنَاكِبِها} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: في جبالها، قاله ابن عباس وقتادة وبشير بن كعب.
الثاني: في أطرفاها وفجاجها، قاله مجاهد والسدي.
الثالث: في طرفها.
ويحتمل رابعاً: في منابت زرعها وأشجارها، قاله الحسن.
{وكُلوا مِن رِزْقِهِ} فيه وجهان:
أحدهما: مما أحله لكم، قاله الحسن.
الثاني: مما أنبته لكم، قاله ابن كامل.
{وإليه النشور} أي البعث.

.تفسير الآيات (16- 19):

{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)}
{أأمِنتُم مَنْ في السماءِ} فيه وجهان:
أحدهما: أنهم الملائكة، قاله ابن بحر.
الثاني: يعني أنه اللَّه تعالى، قاله ابن عباس.
{أنْ يَخْسِفَ بكم الأرضَ فإذا هي تمورُ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: تتحرك، قاله يحيى.
الثاني: تدور، قاله قطرب وابن شجرة.
الثالث: تسيل ويجري بعضها في بعض، قاله مجاهد، ومنه قول الشاعر:
رَمَيْن فأقصدْن القلوب ولن ترى ** دماً مائراً إلا جرى في الخيازم

.تفسير الآيات (20- 27):

{أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)}
{أفمن يْمشيِ مُكِبّاً على وَجْهِه أهْدَى} هذا مثل ضربه اللَّه تعالى للهدى والضلالة، ومعناه ليس من يمشي مُكباً على وجهه ولا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله. كمن يمشي سوياً معتدلاً ناظراً ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه مثل ضربه اللّه للمؤمن والكافر، فالمكب على وجهه الكافر يهوي بكفره، والذي يمشي سوّياً المؤمن يهتدي بإيمانه، ومعناه: أمَّن يمشي في الضلالة أهدى أم من يمشي مهتدياً، قاله ابن عباس.
الثاني: أن المكب على وجهه أبو جهل بن هشام، ومن يمشي سوياً عمار بن ياسر، قاله عكرمة.
{على صراطٍ مستقيم} فيه وجهان:
أحدهما: أن الطريق الواضح الذي لا يضل سالكه، فيكون نعتاً للمثل المضروب.
الثاني: هو الحق المستقيم، قاله مجاهد، فيكون جزاء العاقبة الاستقامة وخاتمة الهداية.
{قُلْ هو الذي ذَرَأَكُمْ في الأرضِ} فيه وجهان:
أحدهما: خلقكم في الأرض، قاله ابن عباس.
الثاني: نشركم فيها وفرّقكم على ظهرها، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً: أنشأكم فيها إلى تكامل خلقكم وانقضاء أجلكم.
{وإليهِ تُحْشَرون} أي تُبْعثون بعد الموت.
{فلما رأَوْه زُلْفَةً سِيئَتْ وُجوهُ الذين كَفروا} فيه وجهان:
أحدهما: ظهرت المساءة على وجوههم كراهة لما شاهدوا، وهو معنى قول مقاتل.
الثاني: ظهر السوء في وجهوههم ليدل على كفرهم، كقوله تعالى: {يوم تبيضُّ وجوه وتسْوَدُّ وجوه} [آل عمران: 106].
{وقيل هذا الذي كُنْتُمْ به تَدَّعُونَ} وهذا قول خزنة جهنم لهم، وفي قوله {كنتم به تدّعون} أربعة أوجه:
أحدها: تمترون فيه وتختلفون، قاله مقاتل.
الثاني: تشكّون في الدنيا وتزعمون أنه لا يكون، قاله الكلبي.
الثالث: تستعجلون من العذاب، قاله زيد بن أسلم.
الرابع: أنه دعاؤهم بذلك على أنفسهم، وهو افتعال من الدعاء، قاله ابن قتيبة.

.تفسير الآيات (28- 30):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)}
{قُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ أصْبَحَ ماؤكم غُوْراً} فيه وجهان:
أحدهما: ذاهباً، قاله قتادة.
الثاني: لا تناله الدِّلاء، قاله ابن جبير، وكان ماؤهم من بئر زمزم وبئر ميمون.
{فَمَنْ يأتيكم بماءٍ مَعِينٍ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أن معناه العذب، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه الطاهر، قاله الحسن وابن جبير ومجاهد.
الثالث: أنه الذي تمده العيون فلا ينقطع.
الرابع: أنه الجاري، قاله قتادة، ومنه قول جرير:
إنّ الذين غدوا بُلبِّك غادَروا ** وشَلاً بعيْنِك لا يزال مَعِيناً

روى عاصم عن رُزين عن ابن مسعود قال: سورة الملك هي المانعة من عذاب القبر، وهي في التوراة تسمى المانعة، وفي الإنجيل تسمى الواقية، ومن قرأها من كل ليلة فقد أكثر وأطاب.

.سورة القلم:

.تفسير الآيات (1- 7):

{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)}
قوله تعالى: {ن} فيه ثمانية أقوال:
أحدها: أن النون الحوت الذي عليه الأرض، قاله ابن عباس من رواية أبي الضحى عنه، وقد رفعه.
الثاني: أن النون الدواة، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثالث: أنه حرف من حروف الرحمن، قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه.
الرابع: هو لوح من نور، رواه معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الخامس: أنه اسم من أسماء السورة، وهو مأثور.
السادس: أنه قسم أقسم اللَّه به، وللَّه تعالى أن يقسم بما يشاء، قاله قتادة.
السابع: أنه حرف من حروف المعجم.
الثامن: أن نون بالفارسية أيذون كن، قاله الضحاك.
ويحتمل تاسعاً: إن لم يثبت به نقل أن يكون معناه: تكوين الأفعال والقلم وما يسطرون، فنزل الأقوال جميعاً في قسمه بين أفعاله وأقواله، وهذا أعم قسمة.
ويحتمل عاشراً: أن يريد بالنون النفْس لأن الخطاب متوجه إليها بغيرعينها بأول حروفها، والمراد بالقلم ما قدره اللَّه لها وعليها من سعادة وشقاء، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ.
أما {والقلم} ففيه وجهان:
أحدهما: أنه القلم الذي يكتبون به لأنه نعمة عليهم ومنفعة لهم، فأقسم بما أنعم، قاله ابن بحر.
الثاني: أنه القلم الذي يكتب به الذكر على اللوح المحفوظ، قال ابن جريج:
هو من نور، طوله كما بين السماء والأرض.
وفي قوله {وما يَسْطرون} ثلاثة أقاويل:
أحدها: وما يعلمون، قاله ابن عباس.
الثاني: وما يكتبون، يعني من الذكر، قاله مجاهد والسدي.
الثالث: أنهم الملائكة الكاتبون يكتبون أعمال الناس من خير وشر.
{ما أنت بنعمةِ ربّك بمجنونٍ} كان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم أنه مجنون به شيطان، وهو قولهم: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} [الحجر: 6] فأنزل اللَّه تعالى رداً عليها وتكذيباً لقولهم: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} أي برحمة ربك، والنعمة ها هنا الرحمة.
ويحتمل ثانياً: أن النعمة ها هنا قسم، وتقديره: ما أنت ونعمة ربك بمجنون، لأن الواو والباء من حروف القسم.
وتأوله الكلبي على غير ظاهره، فقال: معناه ما أنت بنعمة ربك بمخفق.
{وإنّ لك لأجْراً غيْرَ مَمْنُونٍ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: غير محسوب، قاله مجاهد.
الثاني: أجراً بغير عمل، قاله الضحاك.
الثالث: غير ممنون عليك من الأذى، قاله الحسن.
الرابع: غير منقطع، ومنه قول الشاعر:
ألا تكون كإسماعيلَ إنَّ له ** رأياً أصيلاً وأجْراً غيرَ ممنون

ويحتمل خامساً: غير مقدّر وهو الفضل، لأن الجزاء مقدر، والفضل غير مقدر.
{وإنك لعلى خُلُقٍ عظيمٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أدب القرآن، قاله عطية.
الثاني: دين الإسلام، قاله ابن عباس وأبو مالك.
الثالث: على طبع كريم، وهو الظاهر.
وحقيقة الخلُق في اللغة هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب سمي خلقاً لأنه يصير كالخلقة فيه، فأما ما طبع عليه من الآداب فهو الخيم فيكون الخلق الطبع المتكلف، والخيم هو الطبع الغريزي، وقد أوضح ذلك الأعشى في شعره فقال:
وإذا ذو الفضول ضنّ على المو ** لى وعادت لِخيمها الأخلاقُ

أي رجعت الأخلاق إلى طباعها.
{فَسَتبْصِرُ ويُبْصرُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: فسترى ويرون يوم القيامة حين يتبين الحق والباطل.
الثاني: قاله ابن عباس معناه فستعلم ويعلمون يوم القيامة.
{بأَيِّكم المْفتونُ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: يعني المجنون، قاله الضحاك.
الثاني: الضال، قاله الحسن.
الثالث: الشيطان، قاله مجاهد.
الرابع: المعذب من قول العرب فتنت الذهب بالنار إذا أحميته، ومنه قوله تعالى: {يوم هم على النار يُفْتنون} [الذاريات: 13] أي يعذبون.